الليبرالية وحجاب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
الليبرالية وحجاب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد كانت الأيام الأخيرة لمن تتبع وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية! أقول لقد كانت حبلى بكثيرٍ من المفاجآت المحزنة , والقضايا الساخنة، والمواقف المحزنة، لكنها المصائب فهي وإن كانت قد تخلف بلايا من جهة، فهي تورث فوائد جمة من جهة أخرى وصدق القائل :
جزى الله المصائب كل خيرٍ *** فبها عرفت عدوي من صديقي
ولعلَّ أبرز ما خلفته هذه الأيام سقوط كثير من الأقنعة التي كانت تتستر وتتخفى تحت مسميات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من
قبله العذاب، مصطلحات جميلة، وعبارات حسنة، وألقابٌ منمقة لكنها تحمل في طياتها كثيراً من الأخطار والشرور .
إن النفاق قد حذر منه ربنا جل وعلا أكثر من تحذيره من الكفر – إذ أن الكفر الصريح واضح ومستعلن – ولا يحتاج المرء في معرفته إلى كثير علم، بينما النفاق يستتر باسم الإسلام ويتدثر بأفعال المسلمين لكن عندما نتأمله نجده يحمل بين جنبيه السم الرعاف، وما الإكثار من التحذير من النفاق في كتاب الله تعالى إلا دليلاً واضحاً على ذلك فقد ذكرهم الله في مطلع سورة البقرة , وفي آل عمران والتوبة، وفي الأحزاب والحشر، بل وسمى سورة باسمهم وهي سورة "المنافقين "
إن النفاق لم يَعُدْ خافياً يتخفى به أصحابه، لأنه لا يوجد عندهم ما يخشون منه بخلاف ما كان عليه النفاق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
لقد قامت الليبرالية الحديثة والتي وللأسف تأثر بها كثيرٌ من أبنائنا , قامت على النيل من الشريعة والطعن في ثوابتها, من خلال تأثرهم الذي حصل في مقاعد الدراسة، صحيح أن كثيراً منهم رجع بشهادات دنيوية في مجالات العلم المتخصصة، لكن وللأسف كثير منهم حمل بين جنبيه أفكاراً هدامة، ومعتقدات فاسدة تلقاها من الكفار فحملها إلى بلده ليلوث على الناس أفكارهم .
فالليبرالية والعلمانية يقوم معتقدهم على الرغبة الجامحة في تحرر المجتمع، وعزل المسلم عن دينه، وقيام الحياة عندهم على أساس العلم المطلق والعقل والتجربة الناجحة في أفهام القوم حتى لو عارضت الشريعة .
ويقوم هذا الفكر على أساس فصل الدين عن الدولة والسياسة وتقوم معتقداتهم على الزعم بأن التمسك بالإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعوا إلى التخلف والرجعية إضافة إلى رغبتهم الجامحة إلى نزع جلباب الحياء عن النساء، من خلال السعي الحثيث إلى إبطال كل قانون يراد من ورائه تشجيع النساء على العفة والقرار في البيوت، والاهتمام بتنشئة جيل صالح فلبس الحجاب رجعية، والتبرج حرية، إضافة إلى أنهم يرون أن الدين لا دخل له لا في سياسة ولا في اقتصاد ولا في علاقات بين جنس وآخر, وهؤلاء لا فرق بينهم وبين قوم مدين حينما قالوا لشعيب {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (هود:87)
يُعجبون بكل ما عند الغرب، ويُظهرون جميع محاسنهم ولو صغرت، بينما لم نسمعهم ولو لمرة واحدة يظهرون للدين حسنة أو ينشروا للشريعة فضيلة، وحينما حصلت الأزمة المالية الأخيرة سمعنا من أرباب الاقتصاد العالمي أن الحل هو في الأخذ بتعاليم القرآن القاضية بتحريم الربا.
وهؤلاء لا يعجز المرء عن معرفتهم حينما يتفقد مقالاتهم وأحوالهم سواء من خلال من يمثلهم في البرلمان أو من أبواقهم خارج البرلمان سواء من صحفيين مشهورين , أو مسئولين مبرزين , فلن يعجز المرء عن معرفتهم لو تأمل ونظر .
فها هي رغباتهم ومقترحاتهم وأفكارهم ومقالاتهم تدل عليهم وصدق الله {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد،30]
دعوة إلى إلغاء قانون منع الاختلاط, ودعوة إلى فتح المجال أمام الحفلات المختلطة وجلب الساقطين والساقطات, ودعوة إلى استقلالية الجزر الكويتية بالسماح فيها بتداول ما يجلب السياح حتى لو كانت في تعاطي الخمور
ماتوا غيظاً وألماً حينما شكلت لجنة لمعالجة الظواهر السلبية في المجتمع وملأوا الدنيا ضجاجاً وصراخاً حينما سعى بعض المصلحين إلى منع عمل المرأة بعد الثامنة مساءً، عارضوا كل قانون يرجع المرأة إلى بيتها لتقوم بتربية أبنائها، ورعايتهم استشعاراً من القائمين على هذا المشروع بأن الأسرة أول لبنة في صلاح المجتمع .
ينادون ويصرحون بأنهم دعاة التنمية والإصلاح, والحرص على البناء ودعم المشاريع الصحية والإسكانية والتعليمية، أين هم اليوم من بناء جامعة الكويت التي بنيت أسوارها قبل ست سنين وهي ما زالت صحراء وفضاء تعلمون لماذا لم يصرحوا ويصرخوا لبناء الجامعة لينتفع بها أبناؤنا وبناتنا، لأن الأخوة ممن نحسبهم والله حسيبهم قد أقروا عند قانون تأسيس الجامعة أنها تقوم على أساس جامعتين مستقلتين (واحدة للطلبة وأخرى للطالبات) وهذا ينقض أس منهج وطريقة الليبرالية الداعية إلى اختلاط الجنسين وعدم الفصل , ولهذا نجدهم يسعون حثيثاً لإلغاء هذه الفقرة من قانون إنشاء الجامعة , وذلك عبر وصول مرشحين لهم في البرلمان القادم , نسأل الله ألا يبلغهم مرادهم وألا يحقق أمانيهم .