الصيد الجائر وتدمير الغطاء النباتي
الصيد الجائر وتدمير الغطاء النباتي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فمن المعلوم أنَّ العناية بشئون البيئة وتثقيف الناس في هذا الشأن مما تسعى له جميع الدول ومن شواهد ذلك إنشاء أجهزة حكومية يتبعها متخصصون في ذلك ناهيك عن ما يتعلق بذلك الأمر من سيارات وأجهزة ومؤتمرات تعقد بين الفينة والأخرى، يلتقي فيها خبراء البيئة والعاملون معهم – محليا – أو عربيا – أو دوليا – يتباحثون في ما يطرح من أوراق عمل تبحث في شئون البيئة.ومن ثمَّ تصدر قرارات ومقترحات كلها تصبُ في المحافظة على شئون البيئة ومن كمال دين الإسلام الشمولية التامة لكل ما يحتاجه البشر وبيان ما ينفعهم وبيان ما يضرهم. وليست تشريعات الإسلام وقفا على أبدان الناس فحسب بل يشمل – كما تقدم – كل مصالح الناس في شئون حياتهم ومن ذلك عناية الإسلام بشئون البيئة وورود النصوص الشرعية المرغّبة في حفظ مقوّمات البيئة والمحذرة من الإفساد في شئون البيئة ومن الأمثلة على ذلك ما جاء من النهي عن الفساد في الأرض (( ولا تفسدوا في الأرض)) وهذا الفساد يشمل كل أنواع الفساد وأعظمه الفساد في الاعتقاد والسلوك.ويشمل كذلك الإفساد في دنيا الناس وما يتعلق بمعاشهم وراحتهم ومنتزهاتهم ومن ذلك إفساد البيئة نباتياً أو حيوانياً أو غير ذلك وأما ما جاء في سنة النبي فقد كثرت النصوص النبوية المحذرة من الإفساد البيئي المتعلق بمصالح الناس فمن ذلك: ((النهي عن البول في الماء الراكد)) ((النهي عن قضاء الحاجة في طريق الناس أو مكان استظلالهم)) ((النهي عن أذية المسلمين)) وهذا نهي عام يشمل أذية المسلمين في دينهم ودنياهم ويدخل في ذلك إفساد البيئة.
ومن إفساد البيئة الذي تجرّأ عليه بعض الناس وساعدت على كشفه وسائل الإعلام المرئية خاصة والمقروءة والمسموعة عامة
ما يتعلق بالصيد الجائر وتدمير الغطاء النباتي فمع ورود النصوص الشرعية وجهود العاملين في العناية بشئون البيئة وتنوّع وسائل الإرشاد سواءً في وسائل الإعلام أو ما يكون في اللوحات الإرشادية مع كل هذه الجهود لا يزال بعض الناس غير مبالٍ بذلك كله. بل ويتعمد مخالفة ما يصدر من أوامر أو إرشادات بل يعتبر مخالفة ذلك قوة أو تحدياً للجهات المعنية بشئون البيئة فتراه يتعمد الصيد في أوقات منع الصيد أو تراه جائراً في صيده، قيد يصيد ما لا يحتاج وقل مثل هذا فيما يتعلّق بتدمير الغطاء النباتي كالاحتطاب في غير موسم السماح به أو إشعال النار في الحشائش والأشجار بقصد العبث أو الدخول بالسيارة في الأماكن الممنوعة من دخول السيارات حفاظاً على غطائها النباتي وكذا رمي النفايات وما يستقذر في غير مكانها المخصص له. كل ذلك من الفوضى السلوكية التي لا تليق بالمسلم العاقل.والعجب أن نظام احترام البيئة والتقيد بالأنظمة المتعلقة بها محترم في بلاد غير المسلمين.بينما ترى بعض المسلمين لا يلق لذلك بالا بل قد يتعمد مخالفة ذلك وفي ذلك محاذير شرعية: منها مخالفة ولي الأمر لأنَّ القائمين على حماية البيئة نوّاب عن ولي الأمر قد فوّضهم بذلك. وطاعة ولاة الأمر واجبة في غير معصية الله تعالى.- ومن ذلك أيضا أن الإضرار بالبيئة قد يؤثر على الاقتصاد الوطني فحرق الغابات وإفسادها بالاحتطاب وكذا الصيد الجائر كل ذلك مع التكاثر والاستمرار يؤثر في الناحية الاقتصادية.- ومن ذلك أيضا: ما يترتب عليه من دعاء المسلمين الذين تضرروا بفعله أو تأذوا من تصرفاته.- ومن ذلك أيضا الإساءة إلى سمعة الإسلام وأهله عند غير المسلمين فإذا رأى أولئك عبث بعض المسلمين وجنايتهم في الإضرار بمقومات البيئة النباتية أو الحيوانية.إذا رأى غير المسلمين ذلك الإهمال في بعض المسلمين فلا شك أن ذلك قد يوّرث في نفوسهم صورة سلبية عن الإسلام فينبغي على المسلم أن يكون قدوة خير في سلوكه وأن يحذر أن يكون سبباً في ذم الإسلام أو المسلمين ومما يُذكر فيشكر ما تقوم به الهيئة السعودية للحياة الفطرية في المملكة من الجهود المتنوعة في المحافظة على البيئة، وبحكم موقع عملي كمستشار شرعي فقد أعجبني في رئيس الهيئة السعودية سمو الأمير بندر بن سعود عنايته في أحاديثه وتصريحاته بربط المحافظة على البيئة بالنصوص الشرعية، وأن المحافظة عليها حث عليها الشرع فشكر الله لسمو الأمير عنايته بهذا الربط الشرعي بالجانب البيئيوفق الله المسلمين لما فيه صلاح دينهم ودنياهم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.