الزواج 2

وعلى وليها أن يراعي أموراً منها:  

أن يتخير لها من يتوسم فيه الصلاح والتقوى: فإنه إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يهنها؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: {إذا جاءكم من ترضون ديـنه وخلقه فأنكـحوه، إلا تفعلوا تكن فـتنة في الأرض وفسادٌ عريض}. أخرجه الترمذي، وابن ماجه. ومنها أن لا يغالي الولي في المهر: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{من يُمن المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. قال عمر -رضي الله عنه- " ألا لا تُغلو صُدُقَ النساء؛ فإنه لو كان مَكْرُمةً في الدنيا أوثقها عند الله كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدَق النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه، ولا أُصْدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقيّة، وإن الرجل ليُغنى بصدُقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه". أخرجه الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح. ومنها: أن يأخذ رأي ابنته في ذلك، ويأثم إن أرغمها: لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنه دخلت عليها فتاةٌ فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسِسَته وأنا كارهة، فقالت عائشة: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة،فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم أللنساء من الأمر شيء!". خرجه النسائي. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً{لا تُنكح الثـيِّب حتى تُستأذن، ولا تُنكح البكر حتى تُستــأمر} قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: {إذنها أن تسكت}. فإذا خطبها فلا يجوز له أن يخلو بها حتى يعقد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ لا يخلُونَّ أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده .  

فإذا جاء موعد البناء فليفعل ما يلي:- أولاً: يصنع وليمةً؛ عملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنسٌ - رضي عنه-" ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب؛ أولم بشاة ". متفق عليه. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:{أولِـــم ولـــو بشاة} متفق عليه. ثانياً: أن يدعوا إليها الفقراء والمساكين؛ فإن ذلك أجدر لقبولها إن شاء الله عز وجل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى إليها الأغنياء، ويُترك المساكين}. متفق عليه. ثالثاً: أن يتجنب الإسراف والمفاخرة، والتكلف، وليقصد العمل بالسنة لا مراءاة الناس والترفع عليهم؛ قال الله جل وعلا {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}. رابعاً: لا يجوز له أن يتساهل في يوم زواجــه؛ فيفعل أو يأذن ببعض المنكرات كاختلاط الرجال بالنساء، والغـناء المحرم والموسيقى والتصوير وجلوسه مع زوجه أمام النساء؛ فإن هذا من المنكرات، ولربما عوقب بفشل زواجه وعـدم التوفيق، قال الله جل وعلا {وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَنْ أَمْرِهِ يُسْرَاً}. وهذا لم يتق ربه فكيف ييسر أمره؟ !.  

وعلى من دعي إلى الوليمة أن يراعي أموراً منها:- أن يُجيب إذا دعي؛لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها}أخرجه البخاري ومسلم. قال أبو هريرة -رضي الله عنه-" من لم يأتي الدعوة فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". متفق عليه. وإذا كان له عذر فلا بأس أن يتخلف؛ لما روى عطاء أن ابن عباس -رضي الله عنهما- دعي إلى طعام وهو يعالج أمر السِقاية فقال للقوم" أجيـبوا أخاكم واقرؤوا عليه السلام وأخـبروه أني مشغول". أخـرجه عبد الرزاق في مصنفه، وقال الحـافظ: إسناده صحيح. ومنها: أنه إذا رأى منكراً فليرجع؛ لحديث عائشة -رضي الله- عنها قالت:" اشتريت نُمرُقة فيها تصاوير، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفتُ في وجهه الكراهية ". متفق عليه. ومنها: أن يدعوا للعروسين بالبركة؛ وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفَّأ الإنسان إذا تزوج قال:{بارك الله فيـك وبارك عـليـك وجمع بينكـما في خـير}. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال:حسن صحيح. وإذا كان يوم الزفاف فلهم أن يضربوا بالدف؛ وفيه فائدتان:- إعلان النكاح* وتطييب خاطر العروس* لقوله صلى الله عليه وسلم:{فــصل ما بين الحـلال والحرام؛ الدف والصـوت في النكاح}. أخرجه النسائي، والترمذي، وحسنه. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم{ يا عائشة، ما كان معكن له؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو}.خرجه البخاري. ولا يجوز استعمال غير الدف من المزامير وآلات الموسيقى؛لأن الحديث ورد في الإذن بالضرب بالدف لا غير .  

 

جزء من مقال بعنوان الزواج