الزواج 3

حُسن العِشرة  

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:  

فمما حض عليه الشارع حسن العِشرة:  

فعلى الرجل أن يحسن عِشرة زوجه وأن يرفق بها، ولا سيما إن كانت صغيرة السن؛ فعن عائشة-رضي الله عنها- قالت:"والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو". متفق عليه. وذات مرة خرجت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، قالت: وأنا جاريةٌ ولم أُبدِّن، فقال للناس{تقـدموا} فتقدموا، فقال لي:{تعالي حتى أسابقك} فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللـحم وبدَّنتُ ونسـيت، خرجتُ معه في بعض أسفاره فقال للناس:{تقــدموا} فتقدموا، ثم قـال:{تعالي حتى أسـابقك} فسـابقته فسبقني،فجعل يضحك -صلى الله عليه وسلم- ويقول:{هذه بتلك}.أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وقالت عائشة -رضي الله عنها-" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي:{إني لأعـلم إذ ا كنتِ عني راضــية، وإذا كنتِ عليّ غضـبى} قلت: من أين تعرف ذلك؟ قال:{ أما إذا كنـتِ عنـي راضيةً فإنك تقــولين: لا ورب محـمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم} قالت: أجل يا رسول الله؛ ما أهجر إلا اسمك". متفق عليه .  

ومن أخلاق العقلاء مدارات النساء والصبر عليهن:- فإن المرأة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{خُلقت من ضـلع، وإنَّ أعـوج ما في الضلع أعـلاه، فإذا ذهبت تقيمـه كسرته، وإن تركـته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً}.خرجه الشيخان في صحيحيهما. والغيرة طبعٌ في المرأة جُبلت عليه، فعلى الرجل أن يراعي ذلك ولا يتعفف في تقويمها، وقد كنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم يغِـرن فكيف بغيرهن؟! فعند مسلم من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:" فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول:{سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت} فقلت: بأبي وأمي؛ إنك لفي شأن، وإني لفي شأنٍ آخر". وعند مسلم-أيضاً-من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:"إلتمستُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلتُ يدي في شعره- يعني ظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه- فأدخلتُ يدي في شعره فقال:{قد جاءك شيطانك!} فقلت:أما لك شيطان؟ قال:{بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسل} ".  

ويجوز للرجل أن يكذب على امرأته ؛ إرضاءً لخاطرها وتعميقاً للمودة بينهما:- لحديث أم كلثوم بنت عقبة-رضي الله عنها- قالت:" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيءٍ من الكذب إلا في ثلاث؛ كان صلى الله عليه وسلم يقول:{ لا أعده كاذباً؛ الرجل يصلح بين الناس؛ يقول القول لا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدِّث امرأته والمرأة تحدث زوجها}". قال النووي في المراد بالكذب بينهما:" هو إظهار الود، والوعد بما يلزم، والوعد بما لا يلزم، ونحو ذلك. وأما المخادعة؛ في منع حق عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين ".  

جزء من مقال بعنوان الزواج