الزواج 6

فإن دخل الزوج بزوجته فيستحب له أمور منها:  

أولاً: أن يلاطفها؛كأن يقدم لها شيئاً من الشراب ونحوه؛ لحديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها- في دخـوله صلى الله عليه وسلم بعائشة؛قالت:"فجاء فجلس إلى جنبها، فأُتي بعُسٍ فيه لبن فشـرب، ثم ناولها فخفضت رأسها واستحيت-قالت أسماء- فانتهرتها وقلت لها: خذي من يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت فشربت شيئا ". الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده.   

ثانياً: أن يضع يده على رأسها ويدعوا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله وليدعو بالبركة، وليقل:اللهم إني أسألك من خـيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعـوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه}. أخرجه أبو داود، وحسنه العلامة الألباني.  

 ثالثاً: أن يصليا ركعتين معاً، قال العلامة الألباني: (لأنه منقولٌ عن السلف، وفيه أثران:  

الأول: عن أبي سعيدٍ -مولى أبي أُسَيدٍ- قال:" تزوجتُ وأنا مملوكٌ فدعوت نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم ابن مسعود وأبو ذرٍ وحذيفة-رضي الله عنهم- فعلموني وقالوا:" إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ثم اسأل الله من خير ما دخل عليك وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك".   

الثاني: عن شقيقٍ أنه قال:" جاء رجل يقال له أبو حريفٍ فقال: إني تزوجت جارية شابة بكراً، وإني أخاف أن تفركني-أي تُبغضني- فقال له عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-" إن الإلف من الله، والفِرك-أي البغض- من الشيطان؛ يريد أن يُكرِّه إليكم ما أحل الله لكم، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين" زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود" وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم في، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير، وفرِّق بيننا إذا فرَّقت إلى خير". أخرجه ابن أبي شيبة، وسنده صحيح. ويُنهى عن نشر أسرار الإستنزاع وما يحدث بين الرجل وامرأته:- لقوله صلى الله عليه وسلم:{الحياء كله خير}. متفق عليه. وروى أبو سعيدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وســلم أنه قال:{ إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة؛ الرجل يـُفضي إلى المرأة وتـفضي إليه ثم ينشر سرها}. أخرجه الإمام أحمد .  

وقالت أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-" كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعودٌ، فقال: فسكت القـوم، فقلت:إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون،قال صلى الله عليه وسلم:{فلا تفــعلوا؛ فإنما ذلك مثل شـيطانٍ لقي شيطـانةً في طـريق فـغشيهـا والناس ينظرون}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده. وعلى الرجل إن يحرص على أداء حق زوجه في هذه الناحية، ولا يشغله عن ذلك صلاة ولا صوم، فضلاً عن غيرهما وإلا فهو مخالفٌ لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" دخلت علي خُويلة بنت حكيم بن أمية، وكانت عند عثمان بن مظعون – رضي الله عنه- قالت: فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي:{ياعائشة؛ ما أبذَّ هيئة خولة} قلت: يا رسول الله، امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال:{ يا عثمان، أرغبةٌ عن سنتي!} فقال:لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال صلى الله عليه وسلم: {فإني أنام وأصلي،وأصوم وأفُطر، وأنكحُ النساء، فاتق الله يا عثمان؛ فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وصوم وأفطر، وصلي ونم}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وإذا وجدت المرأة زوجها كذلك؛ فالعاقلة هي التي تتزين وتتودَّد إليه * فعند النسائي من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- أن امرأةً قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله؛ إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده".أي ثقلت، وكره النظر إليها. وصحَّ أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تفعل ذلك؛ فقد دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فتخاتٍ من ورِقٍ فقال: {ما هذه يا عائشة؟} قالت: صنعتهن أتزين لك يا رسول. ويحرم عليها أن تمنع حق زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ إذا باتت المرأة هاجرةً فراش زوجـها لعنتها الملائـكة حتى تصبح }. متفق عليه. هذا بعض ما ورد في سنته صلى الله عليه وآله وسلم في النكاح. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين  

 

جزء من مقال بعنوان الزواج