قصص انتحر فيها العفاف 3

قصص انتحر فيها العفاف 3

قصص انتحر فيها العفاف3 

القصة الثالثة: على فرس الرهان، قصر جميل هو حلم كثير من اللاهثين خلف بريق الدنيا، يرن الهاتف قبل صلاة الفجر، وتقوم الأم وهي مثقلة الخطأ، وترفع السماعة مستغربة هذا المتصل في هذه الساعة المتأخرة من الليل، وإذا بالمتصل ضابط المرور، يقول: أبلغي والد ابنتك بمراجعتنا، قالت: من ابنتي؟ فال الله ولا فالك، ابنتي أنت أخطأت في الرقم، ابنتي نائمة في غرفتها أخطأت في الرقم، وأقفلت السماعة في وجه رجل المرور، وبعد لحظة يعيد الاتصال، وإذا به نفس الرجل، وهنا يؤكد عليها، ويقول: أليس البيت بيت فلان؟ قالت: نعم. قال: أنا لم أخطئ، ابنتك عندنا في المستشفى، أبلغي والدها لمراجعتنا . 

قالت العجوز: يا بني! إن ابنتي نائمة في غرفتها من البارحة، أكد لها بإبلاغ والدها، وأقفلت السماعة وصعدت حيث غرفة ابنتها، وطرقت الباب بشدة، وهي تنادي: يا فلانة! وتصرخ وتضرب الباب بقدمها، ولكن لا حياة لمن تنادي، أيقظت والدها طرقا الباب سوية، ولكن بدون جدوى، بحثا عن المفتاح الاحتياطي ووجداه بعد عناء وفتحا الباب وإذا ليس بالغرفة أحد، أين ذهبت الفتاة؟ عندها سقطت الأم وخارت قواها، ولم تحملها قدماها، والأب ما الخبر؟ قالت الأم: لقد اتصل بنا وأخبرته بالخبر، ويسرع الأب إلى القسم وينزل من سيارته، ويركض إلى الضابط المناوب، ما الخبر؟ قال: اهدأ قليلاً. قال: قلت لك: ما الخبر أخبرني. قال: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بقدر، قال الأب: إنا لله وإنا إليه راجعون، كيف خرجت بنتي؟ كيف ماتت؟ أين ماتت؟ أخبرني . 

قال له: إنها قصة مأساوية اجتمع فيها نفر من الشباب في فلة والد أحدهم، وأخذ كل خائب نذل قذر أخذ كل واحد يحكي بطولاته مع الساذجات والمغفلات، فهل تعد الجاهلات أن سرها ربما تصبح قصة تروى وحكاية تحكى، وحديثاً يقطع به الركبان سيرهم، ويستحمس به السمار بسمرهم، جلس هؤلاء الأوغاد، وعندها قال أحدهم: أتحدى من يخبر صديقته لنا في هذا المجلس وأعطيه عشرة آلاف ريال، فسارع أحدهم إلى الهاتف، واتصل بصديقته، وأخبرها الخبر، ولبت نداءه على الفور ليكون حبيبها فارس الرهان، وليفوز بالجائزة، فقد هامت به، ولا تستطيع له رد أي طلب، إنه فارس أحلامها الذي سوف يتزوج بها ورسمته بخيالها، وتصورت أنه سوف يأتيها على فرس أبيض ليرحل بها من عالم الواقع إلى دنيا السعادة، أحلام وردية ينخدع بها كثير من الفتيات، وما علمت المسكينة أن المغازل ذئب يغري الفتيات بحيله، وخرجت من غرفتها ولبست ملابسها، والتقت مع صديقها، وكان الخروج الأخير الذي لم تعد من بعده، وتسللت من باب البيت، وما هي إلا دقائق حتى جاء فارسها، وأقبل عليها بسيارته الفخمة، وانطلق بها كالرصاصة ليكون أول من يحضر صديقته؛ لأن فيه ناس قالوا: نحن نجيك. زملاء كل واحد قال: اللي يجيب الأول له عشرة آلاف، فكل واحد راح يجيب صديقته طمعاً في كسب الرهان . 

وفي منتصف الطريق ونظراً لسرعته العالية انحرفت السيارة لتصطدم بأحد الأعمدة الكهربائية، وما هي إلا لحظات حتى سكن كل شيء إلا المسجل الذي كان يصدح بالأغاني، والفتاة التي امتلأ قلبها حناناً وعطفاً بالشاب المغامر ماتت، ومات هو بجوارها، وكانت النهاية المؤلمة والنهاية المحزنة . 

أغمض عينيك يا أخي وعد إلى الوراء قليلاً، وأغمضي عينيك أيتها الفتاة، وضع نفسك أيها الشاب، وضعي نفسك أيتها الفتاة بمثل هذه المأساة، وانظري إلى الخاتمة السيئة، وإلى هول المفاجأة، المفاجأة على الأب الذي كان يظن أن ابنته في فراشها، وحينما جاء يوقظها لصلاة الفجر لم يجد في الغرفة أحد، فذهب إلى الشرطة ليسأل ويبلغ عن ابنته وما إن دخل حتى قيل له: هناك حوادث مرورية بالإمكان أن تتعرف على ابنتك . 

وحينما دخل المستشفى وجد ابنته تحت آخر موقع من الثلاجة في ثلاجة المستشفى، ووجد بجوارها صاحبها وعشيقها وهو الذي أدخل قبلها بالثلاجة وهذه بجواره، وقال: هذه ابنتي، وتنكشف الفضيحة بعد ذلك فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من الناس، وفضلنا على كثيرٍ من خلقه تفضيلاً . 

انظر أخي! انظري أختي! إلى من نجا كيف نجا، فاسلكي واسلك سبيله، وتذكر فيمن هلك كيف هلك، وتجنب طريقه، جعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وحينها انتحر العفاف . 

 

محاضرة بعنوان (عندما ينتحر العفاف)  

للشيخ الدكتور سعيد بن مسفر