ليس منّا من لم يعرف لعالمنا حقه2

ليس منّا من لم يعرف لعالمنا حقه2

ليس منّا من لم يعرف لعالمنا حقه2  

الأمر السادس: من الملاحظ أن الكثرة العظمى من الشباب الأخيار يحضرون محاضرات بعض أولئك المعنيين منذ سنوات والسؤال موجه لأولئك المحملين العلماء ما يقع من الأخطاء، فيقال لهم: لماذا تحملون العلماء خطأ الشباب وأنتم ممن يتولى تربيتهم وإشعال الحماسة في نفوسهم؟ أين أثر التربية طيلة هذه السنوات؟ ويزول الإشكال في عدم نشأة أولئك الشباب نشأة علمية إذا علمنا أن أغلب تلك المحاضرات – إن لم يكن جميعها - كلام إنشائي حماسي يختلف في لفظه ويتّفق في معناه في جميع المحاضرات – إلا ما رحم الله تعالى - وبكل حال.. إذا كانت التربية لم تُهذّب بمنهج السلف الصالح علماً وعملاً فلا تسأل عن أضرارها ، وأحسن الله عزاء أولئك الشباب الأخيار الذين آثروا حضور تلك المحاضرات الكثيرة على أوقاتهم وأشغالهم وعوّضهم الله تعالى ما يزيدهم علماً وعملاً وتوفيقا ولا يقولنَّ قائل.. إن لازم هذا عدم الكلام في التربية، كلا بل لا بد من التربية لكن بعلم وبقدر، فإذا كانت التربية بلا علم أو غلب الكلام فيها على حساب تضييع أمور أخرى فهنا المحذور.

الأمر السابع: إن مما يُثير العجب كثرة الطرق على هذا الباب من جعل مسئولية العلماء شّماعة يُعلقون عليها حدوث الانحراف في شباب المسلمين فإن هذا والله مما يُثير العجب، وأعجب منه ما نقرأ أو نسمع من التناقض من ذلك المتنقص فعلى سبيل المثال: هذا الواعظ أو ذاك الشاعر أو ذاك المتكلم يقدح البارحة في زيد وعمرو ثم اليوم يتحول القدح إلى مدح، مع أن المقدوح فيه لم ينقص شره الذي اتهموه به فضلا عن زيادة خيره فيما يظهر ويا ليت أن العلماء ورثوا من مدح ذلك المتنقص لهم المادح لغيرهم، ليت أنهم ورثوا شيئا من مدحه ولو بالرد، أما المدح فرضا أو تعصيبا فبعيد إلا أن يشاء الله تعالى ومثال آخر على التناقض: ما حدث من بعضهم من ثورة على بعض المنكرات – دون النظر في ضوابط المصلحة والمفسدة المتعلقة بها – ثم ما بين عشيّة وضحاها تراه سبّاقا إلى تسلق أسوارها متصدرا لمنابرها كالقنوات الفضائية .

ولا أعني هنا جواز الخروج من عدمه شرعاً وإنما أعني تحول الآراء بين عشية وضحاها والتماس الأعذار لتغير مواقفه واختلاف آراءه، مع أنه لا يُعد من العلماء، فإذا كان ذلك كذلك أفلا يلتمس عذرا لمن هم أعلم منه بمراتب كثيرة؟ هذا على التنزّل بأن العلماء يتحملون ما وقع، فكيف وهم قد حذّروا من ذلك بألسنتهم وأقلامهم ؟ 

الأمر الثامن: أن يعلم أولئك القادحون سواء كان القدح من طرف جلي أو من طرف خفي أنهم بقدحهم ولمزهم ذلك قد وقعوا في محاذير كثيرة منها:

1- إعانة أهل الشر على إسقاط منزلة العلماء ، بل إن معاولهم أشد فتكا من معاول أهل الضلال، فنقب الحصون من داخلها أعظم من نقبها من خارجها 

2- ومنها أنهم يبؤون بإثم من يتأثر بكلامهم من عامة الناس أو شبابهم 

3- ومنها أنهم لم يسلكوا المسلك الشرعي – على التنزل بصحة قولهم – من المناصحة، فإن كان ذلك قد كان فيأتي بعده درء المفسدة وتحقيق المصلحة من إظهار ذلك الهمز واللمز

الأمر التاسع: أن  بعض أولئك الذين أكثروا من لمز العلماء وظهرت آثار بوادر قولهم سُلّط عليهم بعض الكتبة الذين نبشوا أقوالا لهم سابقة وبيّنوا تقلبات أحوالهم وتناقض مواقفهم، فيُخشى أن تكون هذه عقوبة لسوء صنيعهم ولا أعني بهذا تزكية أولئك الكتبة ولكن من باب اللهم إني أعوذ بك من شماتة الأعداء

الأمر العاشر: أوصي نفسي وأولئك الأخوة – ممن فُتِح عليه بباب وعظ  أو شعر أو كلام في تربية -  بالتزود من العلم الشرعي طلبا ومجالسة لأهله، وأن نعرف منزلة علمائنا ومنزلتنا عند منزلتهم ، وأن نُعنى بشباب مجتمعنا وأن تكون تربيتنا لهم تربية على منهج علمي مستمد من هدي سلفنا الصالح الأمر.

الحادي عشر: يعلم الله تعالى أنني  كتبت هذا المقال لأولئك بغضاً لذلك المنهج القادح واللامز في العلماء  ونصيحة وديانة أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم ، وأن يعلموا أنهم بفعلهم هذا يهدمون ولا يبنون ويفسدون ولا يصلحون 

ختاما..

أوصي شباب الصحوة، أولئك الشباب صغار الأعمار وكبار الأقدار أولئك الشباب الذين يغبطهم المرء لحرصهم وحبهم للخير، فيقال :