معالم فـي الحج 3

معالم فـي الحج 3

معالم فـي الحج 3        

 

 16- ومن معالم الحج: استشعار نعمة التعلّم والعلم ولزوم هذا المسلك، وممّا يزيد ذلك بعثًا في النفوس إذا رأى المسلم أنّ كثيرًا من الحجَّاج ــ شيبًا وشبابًا ــ ممّن يقعون في مخالفات عقدية وأخرى فقهية في أمور المناسك... كما أنّ عليه عند رؤية أولئك أن يبذل جهده في الترفّق بهم في تعليمهم وإرشادهم، فذلك منه من باب شكر الله تعالى على نعمة تعلّمه العلم  

 17-  ومن معالم الحج: العناية بنشر العلم؛ فذلك أكثر اتِّساعًا في دائرة الخير؛ لأنّ مجامع الناس الكبيرة  من أخصب الأماكن لتنوُّع نشر الخير قولاً وفعلاً، ومن المعلوم أنّ الحجَّ أكبر المجامع في الإسلام  

18- ومن معالم الحج: تقوية جانب الاحتساب في النفس؛ فخروج  الحاجّ من بلده ومفارقة أهله وقطع المفاوز، والتنقّل بين المشاعر... كلّ ذلك إذا احتسبه الحاجّ وجاهد نفسه في الحرص على تمام حجّه فقد ظفر بخير كثير، فمن ذلك تمام الحجّ وتحصيل الأجر وتربية النفس على فعل الخيرات  

19- ومن معالم الحج:ظهور العبر العظيمة والثمار الجليلة في قصص الأنبياء والمُرسَلين؛ ففي الحجّ تذكيرٌ بليغ بقصة إبراهيم الخليل ؛، ويظهر ذلك جليًّا عند رؤية البيت وتذكّر بناء إبراهيم ؛له بأمر ربِّه ﻷ، وكذا ما جاء في خبر إسماعيل وهاجر ونبع زمزم، وكذا في خبر إبراهيم عندما عرض له الشيطان فرجمه... كلّ ذلك وغيره يدُلّ دلالةً جليةً على أنّ أعظم العبر إنما تكون في قصص الأنبياء: ﴿ نحن نقصّ عليك أحسن القصص ﴾، ﴿لقد كان لقصصهم عبرةٌ لأولي الألباب ﴾  

20- ومن معالم الحج: الحرص على عمارة الأوقات الفاضلة وعدم التفريط بشيء منها، وبخاصة ما كان في مواطن الإجابة، ومن الشواهد في الحجّ ما جاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «كنتُ رديف النبيِّ × بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقتُه فسقط خطامُها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافعٌ يده الأخرى» أخرجه أحمد والنسائي  

 

 .21 ومن معالم الحج: التنصيص والتأكيد على مصدر التلقِّي، وقد بيَّن ذلك النبيُّ × بطرق متنوِّعة، منها: قوله: «خذوا عنِّي مناسككم»، «نبدأ بما بدأ الله به»، ومنها: خطب النبيِّ × في عرفات وعند العقبة وغيرها، ومنها سماعُه × وإجابته للسائلين على كثرتهم.. فكلّ ذلك يؤكِّد على أنّ مصدر التلقِّي ليس مُشاعًا لكلّ أحَد، بل مردّ ذلك إلى ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله ×، ومن هنا يتبيَّن ضلال من جعل أقوال الرِّجال مصدرًا للتشريع، أو جعل المنامات والخواطر النفسية مصدرًا لكلّ ذلك من الانحراف عن الهدي القويم والصراط المستقيم  

 

 .22 ومن معالم الحج: تقوية رابطة الوحدة الإسلامية  وأنّ قرابة الإسلام هي أعظم القرابات؛ فيرى المسلم إخوانه من شتى أقطار الأرض قد اجتمعوا في صعيد واحد مع تغايُر ألوانهم وألسنتهم وأعمارهم وأجناسهم، ومع هذا كلّه فالجميع تحت المظلّة الإسلامية  

 

 .23 ومن معالم الحج: أنه يذكر بل ويصوّر الرحيل من الدنيا وأمر البعث تصويرًا عجيبًا، وبيان ذلك: أنّ الميّت ينتقل من دار إلى دار والحاجّ ينتقل من دار إلى دار، والميت يجرَّد من ثيابه والحاجّ يتجرَّد من ثيابه المخيطة، والميت يُغسَّل بعد تجريده من ثيابه والحاجّ يغتسل بعد تجرُّده من ثيابه، والميت يكفّن في ثياب بيضاء والحاجّ يُحرم في إزار ورداء أبيضين، والأموات يقفون في المحشر سواء والحجَّاج يقفون في صعيد عرفات وغيرها سواء... فاستشعار مثل هذه الأمثلة يزيد العبد تكثّرًا من الخيرات وتذكّر الممات .  

 

جزء من محاضرة الشيخ عبد العزيز السدحان (معالم الحج )