معالم فـي الحج2

معالم فـي الحج2

معالم فـي الحج2    

8- ومن معالم الحج: ترسيخ المعتقد في أن البقاء الأزلي لله رب العالمين، فإذا تذكر الحاج أن هذا البيت قد حجه أمم كثيرة من السابقين وسيحجه أمم من اللاحقين، وقد مات السابقون وسيتبعهم اللاحقون، ويبقى الله الحي لا يموت "كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" "كل شيء هالك إلا وجهه" إذا تذكر العبد هذا زاد لله تعظيما، فلا إله إلا الله ما أعظم شأنه وما أعز سلطانه .  

9- من معالم الحج: تعميق وترسيخ مبدأ الاتباع في أداء العبادات، وإن صحة العبادة مرهونة بالإخلاص والاتباع. قال النبي ×: «خذوا عني مناسككم» أخرجه مسلم. وقال جابر: «لمّا علم الناس أنّ النبيَّ × سيحج في عامه ذاك قَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثير كلهم يريد أن يأتمَّ برسول الله ×».ولو حقّق هذا المبدأَ جميعُ المسلمين لزالت تلك البدع العقدية والتعبدية التي يقع فيها كثيرٌ من الحجَّاج في مناسكهم خاصة وفي غيرها عامَّة، فما تلك البدع التي شبَّت وشابت ورسخت في نفوس كثير من المسلمين إلا بسبب بُعدهم عن سنة نبيهم ×، ولذا كان من شفقته × أن حذّر الحجَّاج الذين كانوا معه من تجاوز أمره، فقال × وهو ممسك بجمراته في يده: «أيها الناس، بمثل هذه  فارموا، وإيَّاكم والغلوَّ في الدِّين» أخرجه مسلم. وتحذيره هذا لعامة الأمة؛ ولذا لمّا خالف بعضُ المسلمين تحذيره في هذا الجزء من الحجّ وقعوا في الغلو؛ فبعضهم يرمي الجمرة بالأحجار الكبيرة، وبعضهم بالنِّعال! وبعضهم بالأخشاب والحديد! وهذا من غلوّ الأفعال، وأمَّا غلوّ الأقوال فما يُصاحب رميَهم ذاك من لعن الشيطان والتوعُّد له أثناء الرمي، ولم يعلموا أنهم بفعلهم ذلك يُسخطون الرحمن ويُرضون الشيطان  

  -10 ومن معالم الحج: إلغاء الفوارق في الظاهر ليحرص الناس على صلاح  الباطن، يشترك جميع الحجيج في لباس واحد وموقف واحد وعبارة واحدة، فلا تفاضل في الأنساب ولا في الأحساب ولا في كثرة المال والولد، إنما التفاضل بالتقوى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فمن كان لله أتقى كان هو المقدم ولو كان أقل نسبا ومالا وولدا، ومن كان عن تقوى الله أبعد كان هو المؤخر ولو كان أرفعهم نسبا وأكثرهم مالا وولدًا .  

 -11 ومن معالم الحج: استشعار سماحة الإسلام وتحقيق التأمُّل في: ﴿ يريد الله بكم اليُسر    
ولا يريد بكم العُسر ﴾، ومن شواهد ظهور ذلك: الاشتراط عند الإحرام، وقوله × لمن قدّم    
أو أخّر شيئًا من أفعال يوم العيد: «افعل ولا حرج»، وتقديم الضعَفَة للرمي .  

 -12 ومن معالم الحج: تعظيم شأن الرِّفق وأنّ التدافع والعجلة في الأمور تُفسد ولا تُصلح، ولذا كان × يُشير إلى الناس بيده عند تدافعهم ويقول: «السكينةَ السكينةَ»، فالمقام مقام تعبُّد لله تعالى، والعجلة وعدم السكينة يُفقد المتعبِّد كثيرًا من ثمار العبادة، هذا إن سلِمَ من وقوعه في الخطأ بل الإثم بسبب عجلته .  

 -13 ومن معالم الحج: عظيم شأن النعم  والعناية بحمد الله تعالى وشكره عليها، ويظهر ذلك الأمر بجلاء في الحجّ باجتماع هذا العدد الكثير من الناس يظهر كثيرٌ من التفاضل في نعم الله بينهم؛ فإذا رأيتَ من أصيب بدنُه بعاهة وأنت معافىً فاحمد الله تعالى، وإذا رأيتَ من يمدّ يده إلى الناس وقد أغناك الله بفضله فاحمد الله تعالى واشكره، وأعظمُ من ذلك إذا رأيت من قد تلوَّث بباطل في عقيدته فاحمد الله تعالى واشكره وسلهُ الثبات على المعتقد السليم  

 .14 ومن معالم الحج: عند رؤية الفقراء تذكر نعمة الاستغناء عن سؤال الناس، فيزداد العبدُ حمدًا لله على أن أغناه عن سؤال الناس، وفي المقابل أيضًا يجتهد في تقديم ما يستطيع من العون للفقراء ولو كان يسيرًا، وذلك من باب: ﴿ فمن يعمل مثقال ذرَّة خيرًا يره ﴾، ومن باب قوله ×: «لا تحقرنّ من المعروف شيئًا».15-ومن معالم الحج: الترتيب والتنظيم في أداء العبادة وعدم الفوضوية في ذلك، فانتقال الحاج بين المشاعر  بترتيب، ومواقف نهارية وليلية بترتيب، والترتيب في رمي الجمار وما يصاحب ذلك من عدد الرمي وموقف الدعاء، كل ذلك وغيره يعين على العناية بترتيب أمور حياته وعدم الفوضوية والعشوائية فيها. ذلك لأن ترتيب شئونه يعينه بعد فضل الله على حفظ أوقاته وقضاء حوائجه وتفقد أخطائه  

 

جزء من محاضرة الشيخ عبد العزيز السدحان - معالم الحج