مكانة الصحابة الكرام1

مكانة الصحابة الكرام1

مكانة الصحابة الكرام1 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد 

لقد خلق الله الناس وفاضل بينهم في الأرزاق والأنساب والأحساب... فغنيٌّ وفقير، وشريفٌ ووَضيع، وصحيحٌ وعليل.. وهذه المراتب والموازين تُبيِّن تفاضل الناس فيما بينهم، إلّا أنّ من الخصائص والصفات ما يسمو بصاحبه ويجعله متعاليًا يصعُب الوصول إلى قُربه فضلًا عن مساواته . 

ومن أولئك الصفوة الذين يصعُب الرُّقيُّ  بل التشوُّف إلى مكانتهم ومنزلتهم: جماعة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فمرتبة الصُّحبة من أشرف المراتب فضلًا، وأعلاها قدرًا، دون النبيِّين والمرسَلين عليهم الصلاة والسلام . 

إنّ منزلة الصحابة رضي الله تعالى عنهم من الدين بمكان؛ هُم أبرُّ الناس قلوبًا، وأصدقُهم ألسُنًا، وأعمقهم إيمانًا، وأشجعُهم عند اللِّقاء، وأزهدهم متاعًا . 

قومٌ أُوذوا في سبيل الله، وأُخرِجوا من ديارهم وأموالهم، فارقَ بعضُهم والديه، وفارق بعضُهم ولده وزوجه، هجروا أوطانهم وتركوا أموالَهم، تكبَّدوا المشاقّ وشظف العيش من أجل نُصرة هذا الدِّين . 

قومٌ يؤثِرون ولا يستأثرون، بل يُؤثِرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، فرضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه . 

وحسبُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم من الفضل العظيم والذِّكْر الجميل أنّ الله تعالى زكّاهم وأثنى عليهم في غير آية من كتابه الكريم . 

قال تعالى: ﴿محمَّدٌ رسول الله والذين معه  أشدّاء على الكفار رُحماء بينهم تراهم رُكّعًا سُجّدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السُّجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزرَّاع ليغيظ بهم الكفّار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا ﴾ [الفتح: 299 ]. 

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: «لهم الفضل يعني الصحابة رضي الله تعالى عنهم  والسبق والكمال الذي  
لا يلحقُهم فيه أحدٌ من هذه الأمَّة، رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنّات الفردوس مأواهم، وقد فعل» انتهى كلامه رحمه الله تعالى  وقال تعالى: ﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يُبايعونك تحت الشجرة ﴾ [الفتح: 188 ]. 

وقال سبحانه: ﴿إنّ الذين آمنوا وهاجروا  وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض﴾ [الأنفال: 722 ]. 

وقال: ﴿ وما لكم ألّا تُنفقوا في سبيل الله ولله  ميراث السَّماوات والأرض لَا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعدُ وقاتلوا وكُلًّا وعدَ الله الحُسنى والله بما تعملون خبير ﴾ [الحديد: 100 ]. 

وقال تعالى: ﴿ للفقراء المهاجرين الذين  أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوؤوا الدارَ والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممَّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾ [الحشر: 8-99 ]. 

وكما جاءت تزكية الصحابة رضي الله تعالى عنهم في الكتاب الكريم، فقد وردت ـ بل كثُرت ـ تزكيتهم في السنّة؛ تأكيدًا لفضلهم وإظهارًا لعظيم قدرهم . 

فعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تسُبُّوا أصحابي، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدِهم ولا نَصيفَه) [1] . 

وعن عمران بن حُصين رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ الناس قرني …( [2]  

وقال عليه الصلاة والسلام: (اللهَ اللهَ في أصحابي ( [3] . 

وقال عليه الصلاة والسلام: (طوبَى لمن رآني وآمنَ بي …( [4] . 

وقال عليه الصلاة والسلام: (ألَا أحسنوا إلى أصحابي …( [5] 

إنّ معرفة قدر الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ وما لهم من شريف المنزلة وعظيم المرتبة من أهمِّ المهمَّات، فلهم من الحقوق والواجبات ما يتعلّق بدين المرء وصلاح عقيدته .