مكانة الصحابة الكرام2

مكانة الصحابة الكرام2

مكانة الصحابة الكرام2 

من أجل هذا وغيره كانت محبَّة الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أصول معتقَد أهل السنة والجماعة . 

قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى في مصنّفه العقدي: (ونُحبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نُفْرِطُ في حُبِّ أحدٍ منهم، ولا نتبرَّأ من أحدٍ منهم، ونُبغض من يُبغضهم وبغير الخير يذكُرُهم، ولا نذكُرُهم إلّا بخير، وحُبُّهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ، وبُغضُهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيانٌ) 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامةُ قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، كما وصفهم الله في قوله تعالى: ﴿والذين جاؤوا من بعدهم  يقولون ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا ربَّنا إنك رؤوفٌ رحيم﴾ [الحشر: 100 ]. 

ولأجل ما كان لمنزلة الصحابة رضي الله تعالى عنهم من الشرف وما لأصحابها من الفضل والعُلوّ والرِّفعة في الدنيا والآخرة، وكذلك أيضًا ما لمحبَّتهم من سلامة مُعتقَد المسلم؛ من أجل هذا وذاك وغيره، كان لِزامًا على المسلم أن يُعمِّق محبَّة الصحابة رضي الله تعالى عنهم في نفسه، وأن يحذَر ممّا وقع فيه بعضُ أولياء الشيطان من شراذم الرَّفض وغيرهم، أولئك النشازُ العفِن الذين ولغوا في طهارة الصحابة رضي الله تعالى عنهم . 

فإذا كان عِرضُ المسلم مَصونًا يحرُم المساسُ به، فكيف بأولئك الثلّة المبارَكة الطاهرة الذين زكّاهم ربُّهم تعالى، وزكّاهم نبيُّهم  صلى الله عليه وسلم، وأوجبت العُقول  عدالتَهم ونزاهتَهم وطهارة بواطنهم وظواهرهم؟ 

وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قيل لعائشة رضي الله تعالى عنها: (إنّ ناسًا يتناولون أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعُمر!! فقالت رضي الله  تعالى عنها: «وما تعجبون من هذا؟ انقطع عنهم العمل فأحبَّ اللهُ أن لا يقطعَ عنهم الأجر ( [6] 

وروى ابنُ بطّة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «لا تسُبُّوا أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم ، فلَمقام أحدِهم ساعةً ـ يعني مع النبيِّ  ـ صلى الله عليه وسلم خيرٌ من عبادة أحدكم عُمرَه ( [7] ). 

وقال الإمام مالكٌ رحمه الله تعالى: «من أصبح وفي قلبه بُغضٌ لأحَدٍ من الصحابة فقد أصابته هذه الآية..» يعني قوله تعالى: ﴿ليغيظَ بهم الكفار﴾ . 

وقال الإمام أبو زرعة الرَّازي رحمه الله تعالى: (إذا رأيتَ الرجُل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ج فاعلم أنه زنديق) 

وقال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: «فيا ويلَ من سبَّهم أو أبغضهم، أو أبغض أو سبَّ بعضهم، ولا سيما سيِّدَ الصحابة بعد رسول الله ج وخيرَهم وأفضلهم، أعني الصدِّيق  الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإنّ الطائفة المخذولة من الرَّافضة يُعادون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويسبُّونهم ـ عياذًا بالله من ذلك ـ، وهذا يدُلّ على أنّ عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذا كانوا يسُبُّون من رضي الله عنهم؟ ! 

وأمَّا أهل السنّة فإنهم يترضّون عمَّن رضي الله عنه، ويسُبُّون من سبَّه الله ورسوله، ويُوالون من يُوالي اللهَ، ويُعادون من يُعادي الله، وهم متَّبعون لا مبتدعون، ومقتدون لا مبتدعون، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعبادُه المؤمنون» انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى . 

اللهمَّ ارزقنا حبّك وحبَّ نبيِّك ج وحُبَّ صحابة نبيِّك  صلى الله عليه وسلم . 

اللهمَّ اجزهم عنَّا خيرَ ما جزيت أصحاب نبيٍّ عن أمَّتهم . 

اللهمَّ ارزُقنا حبَّ من أحبَّهم وبُغض من أبغضهم أو طعنَ فيهم أو شكّك في عدالتهم . 

 

جزء من محاضرة (مكانة الصحابة) 

الشيخ عبد العزيز السدحان