ولله الأسماء الحسنى 1

ولله الأسماء الحسنى 1

ولله الأسماء الحسنى 1   

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: 
 إنّ من أصول أهل السنّة والجماعة: أنهم يؤمنون بالله تعالى، وأنه واحدٌ لا شريك له، ولا نِدّ له، ولا شبيهَ ولا مثيل، لا يفنَى ولا يَبيد، ولا يكون إلّا ما يُريد، لا تبلُغُه الأوهام، ولا تُدرِكُه الأفهام، ولا يُشبه الأنام، حيٌّ لا يموت قيُّومٌ لا ينام، على كلّ شيءٍ قدير، وكلّ شيءٍ إليه فقير، وكلّ أمرٍ عليه يسير، لا يحتاج إلى شيءٍ،  (ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير)  [الشورى: 11]. 
خلقَ الخلقَ بعلمه، وقدّر لهم أقدارًا، وضرب لهم آجالًا، أمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته، وكلّ شيءٍ يجري بتقديره، مشيئتُه تنفذ، لا مشيئة للعباد إلّا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن.  (وما تشاؤون إلّا أن يشاء الله ربُّ العالَمين)  [التكوير: 29]. يهدي من يشاء بفضله، ويُضلّ من يشاء بعدله، ولا يظلم ربُّنا أحدًا(1). 

 ومن مسائل الدِّين الكبرى: قضية الأسماء الحُسنى، فقد أفاض أهلُ السنّة في الكلام عليها، تقريرًا وشرحًا، وردًّا على المخالفين. 
 فيعتقد أهلُ السنّة والجماعة أنّ أسماء الله تعالى كلّها حُسنى، وأنّ صفاته كلّها عُلا، ويَحْذَرون ويُحذِّرون من الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته. (ولله الأسماء الحُسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسمائه سيُجزون ما كانوا يعملون) [الأعراف: 180]. 
(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)  [الإسراء: 110]. 
(الله لا إله إلّا هو له الأسماء الحسنى)  [طه: 8]. (هو الله الخالق البارئ المصوِّر له الأسماء الحسنى)  [الحشر: 24]. 
 ومعنى كون أسماء الله تعالى حُسنى أي: أنها بالغةٌ في الحُسن غايتَه، لا يتطرَّق إليها أيّ نقصٍ بوجهٍ من الوجوه، لا احتمالًا ولا تقديرًا. 
 قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى: «... وهكذا أسماؤه الدالّة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها، فليس في الأسماء أحسن منها، ولا يقوم غيرُها مقامَها، ولا يؤدِّي معناها» (2). 
وتلك الأسماء الحسنى متضمِّنة لصفات كاملة، ومثال ذلك: أنّ من أسماء الله تعالى «العليم» كما جاء في القرآن الكريم:  (قالوا سبحانك لا علم لنا إلّا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم) [البقرة: 32]. 
(قال ربِّي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم) [الأنبياء: 4]. 
(يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) [الروم: 54]. 
(والشمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم)  [يس: 38]. 
 وهذا الاسم حسنٌ، يجمع معانيَ الحسن والكمال، ويتضمَّن العلم الكامل الذي لم يُسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، العلم الواسع المحيط بكلّ شيء جملةً وتفصيلًا. 
 قال تعالى:(إنما إلهكم الله الذي لا إله إلّا هو وسع كلّ شيءٍ علمًا)  [طه: 98]. 
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلّا هو ويعلم ما في البرّ والبحر ولا ما تسقط من ورقةٍ إلّا يعلمها ولا حبّة في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلّا في كتاب مبين)  [الأنعام: 59]. 
(إنّ الله عنده علم الساعة ويُنزِّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيِّ أرض تموت إنّ الله عليم خبير)  [لقمان:34]