ولله الأسماء الحسنى 3
ولله الأسماء الحسنى 3
والإلحاد في أسماء الله تعالى على أنواعٍ متعدِّدة:
فمنها: إنكار شيءٍ منها أو ممَّا دلت عليه، وهُم المعطِّلة الذين عطّلوا أسماء الله تعالى عن معانيها ومدلولاتها، وجعلوها ألفاظًا مجرَّدة.
ومن الإلحاد في أسماء الله تعالى: أن يُستدَل بها على صفات تشابه صفات المخلوقين، كصنيع أهل التشبيه.
ومن الإلحاد في أسماء الله تعالى: أن يُزاد عليها ما ليس منها، فيُسمَّى الله تعالى بما لم يُسمِّ به نفسَه، كما سمَّى النصارى الله بأنه «الأب» تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
ومن الإلحاد في أسماء الله تعالى: أن يُشتقّ من أسمائه أسماءٌ للأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العُزّى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله، على قولٍ عند أهل العلم.
ولذا؛ فعلى المسلم أن يَحذَر ويُحذِّر من القول على الله بلا علم، فإنه من الموبقات المهلكات.(قل إنما حرَّم ربِّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ وأن تُشركوا بالله ما لم يُنزِّل به سُلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [الأعراف: 33].
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: ? وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ?: «أي: في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه، فكلّ هذه قد حرَّمها الله ونهى العباد عن تعاطيها؛ لما فيها من المفاسد الخاصّة والعامَّة، ولما فيها من الظلم والتجرُّؤ على الله...» (19).
ولما كان للإيمان حلاوة وثمرة يجدُها العبدُ في قلبه وجوارحه؛ كانت آثارُ الإيمان بأسماء الله من أعظم هذه الثمرات؛ لتعلّقها بأصل الدِّين.
فمن ثمرات الإيمان بأسماء الله تعالى: أنّ معرفة الأسماء الحسنى ودلالاتها من أعظم الطرق إلى معرفة الرّب تعالى وكمال صفاته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «ولمّا كانت حاجةُ النفوس إلى معرفة ربِّها أعظم الحاجات؛ كانت طرق معرفتهم لله أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذِكرهم لأسمائه أعظمَ من ذِكرِهم لأسماء ما سواه...»(20).
ومن ثمرات الإيمان بأسماء الله تعالى: زيادة محبَّة الله تعالى والتقرُّب إليه. قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى عند ذكر الأسماء الموجبة لمحبة الله تعالى: «ومنها: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتُها ومعرفتها، وتقلّبه في رياض هذه المعرفة ومباديها، فمن عرف الله بأسمائه وأفعاله أحبَّه لا محالة»(21).
ومن ثمرات العلم بأسماء الله تعالى: زيادة عُبودية العبد، وزيادة تنوُّع التعبُّد لله تعالى، بمناجاته والتوسُّل إليه بما يعلم من أسمائه الحسنى. قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى: «والأسماء الحسنى والصفات العُلى مقتضية لآثارها من العبودية والأمر اقتضاءَها لآثارها من الخلق والتكوين، فلكلِّ صفة عبوديةٌ خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها...» إلى أن قال رحمه الله تعالى: «وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزِّه تُثمر له الخضوع والاستكانة والمحبَّة، وتُثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العُبودية الظاهرة هي موجباتها. وكذلك علمُه بكماله وجماله وصفاته العُلى يوجب له محبةً خاصةً بمنزلة أنواع العبودية، فرجعت العبودية كلّها إلى مقتضى الأسماء والصفات»(22).
وثمرات الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته لا يُحصيها ديوانُ كاتب، وبالجملة فهي تفتح للعبد أبواب الخير وتُغلق عليه أبواب الشرّ.
اللهمَّ يا سميعُ يا مجيب يا لطيف، اللهمَّ إنا نسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العُلى يا خبير أن تُحيينا على التوحيد الخالص وأن تُميتنا عليه وأن تبعثنا عليه.
(1) من مقدّمة «العقيدة الطحاوية».
(2) «بدائع الفوائد» (1/168).
(3) «النهج الأسمى» (ص17-18).
(4) «النهج الأسمى» (ص40).
(5) «لوامع الأنوار البهية» (1/124).
(6) «بدائع الفوائد» (1/166).
(7) أحمد (452)، وابن حبان (2372).
(8) «النهج الأسمى» (ص46).
(9) البخاري كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحد (6410)، ومسلم كتاب الذِّكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى (6750).
(10) مسلم الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود (1090).
(11) «درء تعارض العقل والنقل» (3/332).
(12) «مجموع الفتاوى» (6/382).
(13) «تفسير ابن كثير» (2/288).
(14) «فتح الباري» (11/217).
(15) «المحلى» (8/31).
(16) «بلوغ المرام» (564) (1396).
(17) البخاري كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط (2736)، ومسلم كتاب الدعوات، باب في أسماء الله (6751).
(18) «بدائع الفوائد» (1/164).
(19) «تفسير السعدي» (3/22).
(20) «درء تعارض العقل والنقل» (3/331).
(21) «مدارج السالكين» (3/13).
(22) «مفتاح دار السعادة» (2/90) .