LaraMag

collapse
Home / إضاءات تربوية / الانتماء = الانتفاع !!

الانتماء = الانتفاع !!

2024-05-08  إبراهيم الخليفي

الانتماء = الانتفاع !! 

الانتماء عندي – وأرجو ألا أفاجئ أحداً بهذا – هو الانتفاع !!

وأنا لا أعلم أن هناك منهجاً نفعياً كما هو منهج الحياة وفق الدين الإسلامي. نعم إننا في الطريقة الإسلامية لتربية أنفسنا وأبنائنا ليس عندنا خيالات هلامية، أو أوهام، أوغموض في هذه المسألة. منهجنا يعلمنا ونحن نقول من ورائه : إن المكان الصالح الذي تستفيد منه يجب أن يكافأ بالانتماء له. ومتى قلت صلاحيته، أو ذهبت منفعته، أو زادت مضرته فاتركه. يطبق ذلك بالطبع على الوظيفة، ومجموعة الرفاق أو (الديوانية)، أو أي تجمع ترتجي منه انتماءا، وتقدم له ولاءا.

فالله تعالى يقول في كتابه الكريم : ” إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض اللة واسعة فتهاجروا فيها” ( الآيات …). وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال واضح، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ»(رواه مسلم6945، وابن ماجه 83، 4307، والإمام أحمد في المسند 9026 كلهم عن أبي هريرة).

بناء على ذلك وحتى لا نفلسف المسائل، فالانتماء إذن معناه الانتفاع، يعني أن الطفل إذا انتفع من أمه وأبيه فسينتمي إليهما، ومتى ما انتهى نفعهما فإن الانتماء سيضمر لديه، وسيبحث عن انتماء بديل. وهذا هو الذي يفسر عزوف الأبناء عن الجلوس معنا في صالات بيوتنا، وزهدهم فينا، وخروجهم إلى مجامع الرفاق، أو إلى أماكن يشعرون أنهم سينتفعون فيها أكثر. وبعض بسبب عدم إشباعة لحاجات أبنائه – وعلى رأسها حاجة الانتماء – غدا مثل الأغذية ذات الصلاحيات قصيرة الأمد. فهي سريعة العطب والفساد، في حين أن الآباء الذين يجددون أفكارهم وأدواتهم لإشباع حاجة أبنائهم للانتماء ومن ثم الاحتفاظ بولاء أبنائهم شبيهون بالمواد التي تمتد صلاحياتها آمادا طويلة. ولا يصيبها العطب بسهولة. نحن لا نريد للابن أن يحس بأنه أخذ كل ما لدينا من فوائد، ولم يبق لدينا له إلا المضره. فهو إن وصل لهذه الحال سيذهب قطعا إلى مكان وينتمي له.

إن أسرة اليوم تستشعر أن طفلها قد خفت انتماؤه لها. وترى أنه يبدأ في توجيه وجهته إلى ناحية آخرى غير أسرته في وقت مبكر. فاختيارات الأبناء من الصداقات، أو العزلة أمام وسائل التقنية والاتصال التي هي أنفع له. إنه يبدأ بالشعور بأن أهله ليسوا ممتعين أو مؤنسين أو كما قررنا (نافعين) بالشكل الذي يتوقعه، بل أن بعض أبنائنا بدأ باعتبار أن أهله نوع من البلاء الذي قضى الله به عليه، وهو يعد الأيام تسير ثقيلة وهو يقضيها بسلبية مع أهله ينام ويأكل وينام ويمضي للمدرسة. ولا يستروح ويشم (بعض الأكسجين) إلا عندما يخرج ليجد ذاته وانتماءه في مكان آخر، فعالمه – للأسف الشديد – لا يشبه عالم أهله بشيء .. !!

 




2024-05-08  إبراهيم الخليفي

Tags: منال