LaraMag

collapse
Home / نصائح أسرية / حق المعاشرة بالمعروف ج1

حق المعاشرة بالمعروف ج1

2024-04-01  الشيخ محمد مختار الشنقيطي

 

حق المعاشرة بالمعروف ج1 

فأما حق العشرة بالمعروف، فإنه لا سعادة للمسلمين ولا طمأنينة لهم في بيوتهم إلا إذا قامت على العشرة بالمعروف، وهذا الحق أمر الله عز وجل به؛ لما فيه من صلاح أمر الزوج والزوجة، ولما فيه من السعادة لهما، وهو الاختبار الحقيقي للزوج وللزوجة، قال الله في كتابه المبين: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ولذلك قال العلماء: المعاشرة بالمعروف حقٌ واجب، يأثم تاركه، ويثاب فاعله، وقال الله عز وجل: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطلاق:2] والمعاشرة بالمعروف، تستلزم أموراً لا بد منها، وهذه الأمور تكون في قلب الإنسان، فيما بينه وبين الله، وتكون في قوله وكلماته وما يصدر منه من عباراته، وتكون منه في تصرفاته وأفعاله، فهناك ثلاثة جوانب للمعاشرة بالمعروف.

الأول -وهو أهمها-: النية الصالحة، فلن يستطيع الرجل أن يعاشر امرأته بالمعروف ولن تستطيع المرأة أن تعاشر زوجها بالمعروف إلا إذا غيّب كلٌ منهما نية صالحة، وهذا هو الذي عناه الله عز وجل بقوله: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231]، فإذا أراد الإنسان أن يُمسك زوجه، فلتكن نيته صالحةً تجاهها، ولذلك قال العلماء: ما غيّب الإنسان في سريرته وقلبه أمراً -خيراً كان أو شراً- إلا أظهره الله في فلتات لسانه، فالذي ينوي الخير لامرأته ويتزوج المرأة أو يردها إلى عصمته وفي قلبه أن يحسن وأن يكرم وأن يعاشر بمعروف وفّقه الله وسدده، قال تعالى: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا [الأنفال:70]، فالله إذا اطلع على قلب الرجل واطلع على قلب المرأة ووجد كلاً منهما يبيّت النية الصالحة وفّق الله كلاً منهما في ظاهره وتصرفاته وأفعاله، لكي يكون منه الخير، فأول ما يوصى به من أراد أن يعاشر بالمعروف: النية الصالحة، وكان بعض العلماء يقول: ينبغي للزوج أن يجدد نيته كل يوم، حتى يُعظِم الله أجره وثوابه، خاصةً إذا كانت المرأة صالحة، أو كانت ذا حقٍ على الإنسان كقريبته ونحو ذلك، فيُغيِّب في قلبه نية الخير لها، وإذا غيّب الخير أظهره الله في أقواله وأفعاله، وهكذا المرأة تغيب في قلبها نية الخير للزوج، وما إن تتغير هذه النية حتى يغير الله ما بالزوجين إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، فإذا غيّر الزوج أو الزوجة نيتهما غير الله حالهما من الخير إلى الشر ومن الحسن إلى الأسوأ، ولذلك كل من أصابته مصيبة بينه وبين أهله فلينظر إلى نيته وقلبه، فالأصل في العشرة بالمعروف أنه ينبعث من نية صالحة ومن نيةٍ طيبة ومن قلبٍ يغيّب الخير حتى تظهر الآثار على الجوارح، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله).    

    ( فقه الأسرة - الحقوق المشتركة )   للشيخ : ( محمد مختار الشنقيطي )

 




2024-04-01  الشيخ محمد مختار الشنقيطي