فتاوى فقهية 3

فتاوى فقهية 3

عدة من توفى عنها زوجها في آخر مدة الحمل 

لا شك أن الإحداد تابع للعدة، وعدة الحامل تنتهي بوضع الحمل، فإذا وضعت حملها انتهت عدتها، وتبعًا لذلك ينتهي الإحداد على زوجها، فلها أن تتزوج بمجرد وضع الحمل كما ثبت في الصحيح . 

عدة المرأة إذا تأخر دفن زوجها المتوفى 

إذا توفي المسلم فالعدة تبدأ من الوفاة، ولو تأخر بلوغ الخبر للزوجة، ولو لم يصلها الخبر إلا بعد أن خرجت من العدة، يعني تمت العدة، فإن العدة تبدأ من الوفاة ولو لم تعتد بناء على أنه لم يصلها الخبر، فإن العدة تكون انتهت بأربعة أشهر وعشر ليال، أو بوضع الحمل إن كانت حاملًا، فإنها تخرج بذلك من العدة، إن علمت بوفاته من وقتها استكملت العدة، وإن لم تعلم إلا من الغد بدأت عدتها من وفاته، وتكمل ذلك وإن لم تعلم إلا بعد أسبوع أو ما أشبه ذلك، وأما الدفن فلا علاقة له بالعدة . 

طلب المرأة الطلاق من زوجها الذي لا يصلي إلا الجمعة 

إذا ثبت أنه لا يصلي لا في المسجد مع الجماعة ولا في البيت سوى الجمعة فشأنه عظيم وأمره خطير، وإذا كررت الطلب وألحّت عليه وأصرّ على ترك الصلاة فإنه يلزمها -ليس مسألة يجوز- بل يلزمها أن تطلب الفراق؛ لأن ترك الصلاة أمره عظيم، وقد قال بكفره -ولو أقر واعترف بوجوبها- جمعٌ من أهل العلم، وفيه الأدلة الصيحيحة «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» [الترمذي: 2621] «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» [مسلم: 82]، المقصود أن هذا خطير وأمر عظيم، فإذا ثبت أنه لا يصلي لا مع الجماعة ولا منفردًا فإنه يجب عليها أن ترفعه للقضاء وتطلب الفسخ منه . 

لكن بعضهم يظن أنه لا يلزمه أن يصلي غير الجمعة؛ لأن الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما! لكن جاء في الحديث «إذا اجتنب الكبائر» [مسلم: 233] وفي رواية: «ما لم تغش الكبائر» [مسلم: 233]، وأي كبيرة أعظم بعد الشرك من ترك الصلاة؟! فالجمعة هذه لا تكفر ترك الصلوات التي بينها وبين الجمعة الأخرى . 

رفض الرجل تسليم ورقة الطلاق لرجعية خرجت من العدة 

بالنسبة للصرف والنفقة لا يلزمه النفقة عليها بعد خروجها من العدة، وعليه أن ينفق على أولاده من بنين وبنات، وإذا احتاجت ورقة الطلاق وفي هذه الحالة لا شك أنها بحاجة إليها إذا أرادت أن تتزوج أو أرادت أن ينفَق عليها من الضمان أو أرادت أن تُقدمها إلى جهةٍ تطلبُ مثلَ هذه الورقة، فإنه يلزمه أن يعطيها إياها، ويأثم بتأخيرها عليها إذا تضررت بذلك . 

رؤية الزوج لزوجته حال الطلاق الرجعي 

المطلقة إن كانت في العدة والطلاق رجعي فهي زوجته مازالت في عصمته، ويتعامل معها على أنها كأحد زوجاته، ولا يجوز له أن يخرجها من بيته، ولا تَخرج إلا أن تأتي بفاحشة مبيّنة؛ لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا، فينظر إليها وتنظر إليه، هذا مادامت في العدة، أما إذا خرجت من العدة فهي أجنبية عنه لا يجوز أن يراها إلا كما يرى المخطوبة، هذا إذا كانت رجعية، أما إذا كانت بائنًا فلا سبيل له عليها ولا يجوز له أن ينظر إليها ألبتة لا في العدة ولا بعد العدة . 

دعاء المرأة أن ترجع إلى زوجها 

كون الزوج طلق بدون سبب لاشك أنه ملوم على ذلك وقد يكون لديه سبب لا يستطيع أن يفصح به لهذه المرأة، وإذا كان بينهم مودة فهذا لاشك أنه موجود بين الأزواج فالله جعل بينهم المودة والرحمة، وهي تلح بالدعاء- لأنها تحبه- بأن يرده الله هذا مطلوب، وهذا ليس فيه اعتراض على القضاء والقدر؛ فالدعاء سبب ولا معارضة فيه للقدر، فالمقدر كائن لا محالة وبذل السبب مطلوب، والدعاء عبادة فإذا كانت تريد الرجوع إليه ولا يرغب في ذلك ودعت الله -جل وعلا- أن يعطفه إليها وأن يحببها إليه ويرجع إليها فلاشك أن هذا من الأسباب المشروعة ولا تعارض مع ذلك مع القدر . 

خطبها رجل مسلم وقد وقعت في ذنب سابق 

الحمد لله ... 

إذا كان المتقدم للزواج كفءً، بمعنى أنه ممن يُرضى دينه وأمانته فلا يجوز لك أن تتأخري عن قبوله والشكوك والظنون والتوقعات التي لا تعتمد على الأدلة لا قيمة لها، فلا يُلتفت إليها. فإذا كان وصفه كما ذُكر فلا تترددي في قبوله. وأما ما وقع من نكاح المتعة فلا شك أن المتعة حرام، وأنها منسوخة فلا يجوز الزواج بهذه الطريقة، لكن إذا عرفت ذلك فعليك التوبة والاستغفار . 

حكم هدايا الزوج بعد الدخول 

على كل حال هذه هدية، فإن كان الطلاق بسبب منه فلا يستحق هذه الهدية، ؛ لأنه دفعه إليها على سبيل الهدية، وهي هبة، والعائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، أما إذا كانت المطالبة منها فتريد الخلع، وتريد أن ترد عليه المهر فترد معه الهدايا، ترد عليه جميع ما دفع إليها . 

حكم عضل النساء 

العضل حرام، وجاء النهي في كتاب الله -جل وعلا- ولاشك أنه ظلم لهن، فعلى من ولاه الله أمر امرأة أن يرفق بها وأن يطلب الأصلح لها وأن يساعدها على نفسها وعلى صلاحها وما يصلح شأنها فالعضل حرام لا يجوز بحال، وإذا ثبت العضل من ولي فإن الولاية تنتقل عنه إلى غيره بواسطة القضاء . 

عدة من أجهضت جنينها 

طلاق الحامل واقع وهو سنّي، وخروجها من عدتها بوضع الحمل، لكنها تذكر أنها أجهضت -أي: أسقطت- ولدًا في الشهر الثاني، والحمل إذا سقط لا يخلو : 

إما أن تُنفخ فيه الروح، فتثبت أحكامه من تغسيل، وتكفين، وصلاة عليه، ودفن . 

أو لا تنفخ فيه الروح، لكن يتبين فيه خلق الإنسان، وحينئذٍ تثبت فيه أحكام الأم، من عدة وغيرها . 

أو لا تنفخ فيه الروح، ولا يتبين به خلق الإنسان -كما في السؤال؛ لأن الشهر الثاني لا يتبين فيه خلق الإنسان- فإنه حينئذٍ يكون دم فساد لا تتعلق به أحكام الأم ولا أحكام الولد، وحينئذٍ تكون عدتها بثلاث حيض إن كانت ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، فإذا انتهى الدم الذي صار بسبب الإجهاض تعتد بثلاث حيض وتخرج من عدتها . 

عدة المطلقة في سن الخمسين 

المطلقة إذا كانت ممن يحيض فعدتها ثلاثة قروء أي: ثلاث حيض ولو كان بين الحيضتين أكثر من شهر أو شهرين أو ثلاثة فعدتها بالقروء، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، إذا كن ممن يحضن، وهذه تحيض، اللهم إلا إذا كان الدم الذي يأتيها ليس بدم حيض، بحيث انقطعت عادتها فصار ينزل عليها الدم أحيانًا ليس في وقت الحيض ولا بلونه ولا رائحته، فلا تمييز ولا عادة عندها، بل انقطع حيضها، وإنما صار ينزل عليها الدم على صفات متقطعة ومتفرقة وبألوان مختلفة، فمثل هذا يكون من نوع الاستحاضة والنزيف، فلا يكون له حكم، أما إذا كانت تحيض بالحيض المعتاد عند النساء فإن عدتها تكون ثلاث حيض، ولو استغرقت هذه الحيض الثلاث ستة أشهر أو سبعة أشهر ما يمنع . 

طول مدة الغياب عن الزوجة لأجل طلب المعيشة 

إذا كانت الزوجة راضية فالأمر لا يعدوها، فلا شيء عليه في ذلك لا سيما إذا أمن مِن أن تتطلع إلى غيره بسبب غيابه، فإذا أُمنت الفتنة عليها ورضيت بذلك فالأمر لا يعدوها، والله الموفق . 

طلب الطلاق لعدم عدل الزوج بين الأولاد 

أولا بالنسبة لهذا الزوج الذي لا يعدل ولا يسوي بين أولاده لاشك أنه آثم وعليه التوبة والاستغفار والإقلاع عن مثل هذا، فعليه أن يسوي بين أولاده في مثل هذا، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم هذا بالنسبة للأولاد لا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض لا بالنسبة للذكور ولا الإناث، لكن بالنسبة لكِ إذا خشيتِ من استمرارك معه أن تفرطي بشيء من واجباته أو أنك نفذ صبرك ولا تستطعين البقاء معه فحينئذٍ هذا مبرر لطلب الطلاق وإلا فطلب الطلاق من غير سبب لا يجوز . 

رغبة الزوج في الطلاق مع نهي والده عنه 

نصيحتنا كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر –رضي الله عنهما-: «أطع أباك» [المسند: 4711] لما أمره أن يطلق امرأته، فالجواب أن يقال: أطع أباك، فأمسك زوجتك واصبر على ما يبدر منها، وتفاهم معها بالأسلوب اللين وبالهدايا وبالطريقة المناسبة التي تستحوذ على قلبها، وادع الله -جل وعلا- أن يؤلف بينكما وأن يؤدم بينكما لا سيما وأن بينكما أولادًا، فينبغي ملاحظة هؤلاء الأولاد وما مصيرهم بعد الطلاق، مع أمر الوالد بإمساكها وتهديده بالهجران، فإذا أطعت أباك وأمسكت زوجتك ولاحظت مصلحة أولادك لا شك أن الله -جل وعلا- سيعينك على هدايتها . 

ذكر ألفاظ حساسة بين الزوجين في الفراش 

الحمد لله ... 

المسلم ينبغي أن يكون عفيفاً في سائر تصرفاته سواء منها ما يتعلق بالأفعال أو الأقوال، لكن إذا لم يتمكن من الوصول إلى المراد المشروع إلا بذكر شيء مما يستحي من ذكره فلا بأس كما جاء في بعض روايات حديث ماعز حيث صرّح النبي -عليه الصلاة والسلام- ببعض الألفاظ التي ليس من عادته أن يصرّح بمثلها . 

أما إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك ولم تكن تلك الألفاظ محرمة كالسب والشتم فعدم التصريح أولى وتكون حينئذ من قبيل المكروه، والكراهة عند أهل العلم نزول بأدنى حاجة، فعليه لا بأس حينئذ بقول ما ذكر في السؤال إذا لم يتعدّ الزوجين إلى الأولاد وغيرهم . 

دعاء الزوجة بألا يتزوج عليه زوجها 

لا مانع أن الزوجة تدعو الله -جل وعلا- ألا يتزوج زوجها امرأة أخرى، لا سيما إذا كانت شديدة الغيرة ويغلب على ظنها أنها تأثم ببقائها بعصمته؛ لشدة غيرتها، ويمكن بسبب ذلك أن تتصرف تصرفات غير مناسبة، بل قد تقع في محظور، وحينئذٍ لها أن تدعو ما يمنع مثل هذا الذي يوقعها في مثل ذلك. وإذا تزوج زوجها امرأة ثانية فلتجرب نفسها، فإذا استطاعت أن تصبر فعليها أن تصبر وتحتسب وترضى بما كتبه الله -جل وعلا-، وإن لم تستطع البقاء معه بحال من الأحوال -وهذا موجود عند بعض النساء، فعند بعضهن من الغيرة ما يصل بها إلى حد تفقد معه توازنها وتصرفها، بل قد تتصرف تصرفًا لا يليق بالعقلاء- فحينئذٍ إذا وصلت إلى هذا الحد وجربت مرارًا وظلَّت على هذه الحال فلا مانع أن تطلب الطلاق؛ خوفًا من أن يحصل منها ما تأثم بسببه أو تقصِّر بحقوق زوجها الواجبة 

خطب فتاة ومات أبوه غير راض عنها 

الحمد لله ... 

عليك أن ترضي أمك، ومن برّها أن تجيبها إلى ما طلبت، لكن إن كان قلبك متعلقاً بتلك الفتاة فعليك أن تُقنع أمك بحيث ترضى بالزواج منها لا سيما إذا لم تذكر مبرراً مقبولاً، فإن ذكرت لك تبريراً مقبولاً فانصرف إلى غيرها ويعوضك الله خيراً منها، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه . 

خرجت من البيت هرباً من ضرب زوجها 

يحرم على الزوجة أن تطلب الطلاق من غير سبب، كما يحرم عليها أن تخرج من بيتها من غير سبب بغير إذن زوجها، لكن إذا تضررت في البقاء في بيت زوجها أو في عصمته فلها أن تطلب الطلاق، ولها أن تخرج من البيت إلى أهلها لكي تتخلص من أذى الزوج وضربه لها، وعلى الزوج أن يتقي الله فيما استرعاه الله إيّاه، ووصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنساء خيراً، وقد أمر الله سبحانه ورسوله -عليه الصلاة والسلام- بالمعاشرة بالمعروف، وعلى كل حال إذا كان أذى الزوج مستمراً فلها أن تطالب بفسخ النكاح، وعليه أن يجيب طلبها أو يتوب إلى الله ويكفّ أذاه عنها .. 

حكم مَن يلعن زوجته 

اللعن محرَّم فليس المسلم باللعَّان, ولا بالطعَّان, ولا بالفاحش البذيء، وجاء في الحديث الصحيح المتفق عليه: "لَعْن المؤمن كَقَتْله"[1]، وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سمع المرأة التي لعنت دابتها أمر بتسييبها وتركها، وقال: "لا تصحبنا وهي ملعونة"[2]، فدلَّ على أن شأن اللعْن عظيم، فيجب على المسلم أن يتجنَّبه ولا يُعرّض به أو يجعله على لسانه؛ لما ذكرنا من النصوص, ولو لم يكن فيه إلا أن "لَعْن المؤمن كَقَتْله"، والحديث في الصحيحين، وقتله شنيع، من يقتل مؤمنًا متعمدًا شبِّه به من لَعَنه؛ لأنه إذا كان القتل قضاء على دنياه, فاللعن قضاء على آخرته؛ لأن اللعن مفاده الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، فلا يجوز بحال [3 ]. 
بقاء المطلقة في بيت زوجها 

إذا كانت هذه المطلقة رجعية، بمعنى أنها طلقة أو طلقتين ولم تكن بائنًا بطلقة ثالثة فإنه يجب أن تبقى في بيت الزوجية، ولا يجوز خروجها ولا إخراجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، كما قال الله -جل وعلا- في سورة الطلاق، وإذا كان الطلاق بائنًا فتخرج من بيت الزوج؛ لأنه لا يحل له أن يراها ولا يحل له أن يخلو بها، فتخرج من بيته، هذا حكم المطلقة البائن، وأما الرجعية فإنها تبقى في بيت الزوجية؛ لأن لها حكم الزوجات، هي زوجة ما لم تخرج من العدة، وهي ترث وتورث إلى أن تخرج من العدة، فلا يجوز خروجها ولا إخراجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة .